قصيدة الشاعر محمود غنيم ( مالي وللنجم يرعاني وأرعاه)

 

مالي وللنجم يرعاني وأرعاه *** أمسى كلانـا يعـاف الغمـض جفنـاه

لي فيك يا ليـل آهـات أرددهـا *** أواه لـو أجـدت المحـزون  أواه

لا تحسبني محبا يشتكي وصبا *** أهون بما فـي سبيـل الحـب ألقـاه

إنـي تذكـرت والذكـرى مؤرقـة *** مجـدا تليـدا بأيدنـا  أضعنـاه

ويح العروبة كان الكون مسرحها *** فأصبحت تتـوارى فـي  زوايـاه

أنّى نظرت إلى الإسلام في بلد *** تجـده كالطيـر مقصوصـا جناحـاه

كم صرّفتنـا يـد كنـا نصرفهـا *** وبـات يحكمنـا شعـب  ملكنـاه

كم بالعراق وكم بالهند من شجـن *** شكـا فـرددت الأهـرام شكـواه

بني العروبة إن القرح مسكم *** ومسنـا نحـن فـي الإسـلام أشبـاه

لسنا نمـد لكـم أيمـان ناصلـة *** لكنمـا هـو ديـن مـا  قضينـاه

هل كان دين ابن عدنان سوى فلق *** شق الوجود وليل الجهل يغشـاه

سل الحضارة ماضيها وحاضرها *** هل كـان يتصـل العهـدان لـولاه

هي الحنيفة عين الله تكلؤهـا *** فكلمـا حاولـوا تشويههـا  شاهـوا

هل تطلبون من المختار معجزة *** يكفيه شعب مـن الأجـداث  أحيـاه

من وحّد العرب حتى صار واترهـم *** إذا رأى ولـد الموتـور آخـاه

وكيف كانوا يدا في الحرب واحدة *** من خاضها بـاع دنيـاه بأخـراه

وكيف ساس رعاة الإبل مملكة *** ما ساسها قيصر من قبـل أو  شـاه

سنوا المساواة لا عرب ولا عجم *** ما لامـرىء شـرف إلا  بتقـواه

ورحب الناس بالإسلام حيـن رأوا *** أن الإخـاء وأن العـدل مغـزاه

يا من رأى عمرا تكسوه بردته *** والزيـت أدم لـه والكـوخ  مـأواه

يهتز كسرى على كرسيه فرقا *** من بأسـه وملـوك الـروم تخشـاه

سل المعالي عنـا إننـا عـرب *** شعارنـا المجـد يهوانـا ونهـواه

هي العروبة لفظ إن نطقت به *** فالشـرق والضـاد والإسـلام معنـاه

استرشد الغرب بالماضي فأرشده *** ونحن كـان لنـا مـاض نسينـاه

إنا مشينا وراء الغـرب نقبـس مـن *** ضيائـه فأصابتنـا شظايـاه

بالله سل خلف بحر الروم عن عرب ** فالأمس كانوا هنا ما بالهم تاهوا

فإن تراءت لك الحمراء عن كثب *** فسائل الصرح أين العـز  والجـاه

وانزل دمشق وخاطب صخر مسجدها *** عمّن بناه لعل الصخـر ينعـاه

وطُفْ ببغداد وابحث في مقابرها *** علّ امرءاً من بني العبـاس تلقـاه

هذي معالم خرسٌ كل واحـدة *** منهـن قامـت خطيبـا فاغـرا فـاه

الله يشهد ما قلبت سيرتهـم *** يومـا وأخطـأ دمـع العيـن مجـراه

أين الرشيد وقد طـاف الغمـام بـه *** فحيـن جـاوز بغـداد تحـداه

ماض تعيش على أنقاضه أمم *** وتستمد القـوى مـن وحـي ذكـراه

لا در در امرىء يطري أوائله *** فخرا، ويطرق إن ساءلتـه مـا هـو

اللهمَّ قد أصبحت أهواؤنا شيعا *** فامنن علينـا بـراع أنـت ترضـاه

راع يعيد إلى الإسلام سيرتـه *** يرعـى بنيـه وعيـن الله  ترعـاه

نبذة عن الشاعر

محمود غنيم : شاعر مصري معاصر ، (25 ديسمبر 1902 - 1972) ولد في قرية مليج التابعة لمحافظة المنوفية بمصر ، درس بالمعهد الأحمدي الأزهري بطنطا ثم التحق بمدرسة القضاء الشرعي ثم التحق بمدرسة دار العلوم بعد أن نال الشهادة الثانوية من أحد المعاهد الدينية. يذكر أنه حفظ القرآن كاملا.