المقدمة

تتكون الثروة اللفظية لدى متحدث اللغة من مفردات وتراكيب، وكذلك من تجمعات لفظية تتصاحب عادة لتكون مفهوما يصطلح عليه أفراد تلك اللغة، لا يؤدي إلى ذلك المفهوم التعبير بالكلمة المفردة، وتتنوع هذه التجمعات الكلمة اللفظية تنوعا كبيرا.
ولما كانت مهمة المعجم لا تقتصر على تقديم معني المفردة للقارئ، بل تتعدى ذلك إلى مساعدته على فهم النص المقروء واستيعابه، والاستعمال الصحيح للغة، لذا كان على المعاجم أن تدخل التجمعات اللفظية في دائرة الاهتمام، وقد اهتمت المعاجم الغربية بهذه التجمعات، وأدرجتها في معاجم اللغات الأوربية.

Img

ولم تهتم المعاجم العربية بها، فأهملها بعض هذه المعاجم، وأدرجت بعضها معاجم أخرى، دون تحديد لنوعها، أو تخصيص لها بمداخل خاصة، والتعابير الاصطلاحية ظاهرة معجمية موجودة في كل اللغات الطبيعية، وإن اختلفت درجة النظر إليها، وتباينت درجات العناية بها في معاجم هذه اللغات.
ويمكن تعريف التعبير الاصطلاحي بأنه: نمط تعبيري يتكون من كلمة أو أكثر له معنى خاص اصطلحت عليه الجماعة اللغوية وله دلالة ثابتة لا يدل عليها تجميع دلالات مفرداته، يقع في الاستعمال اللغوي باطراد.
لذا فإن التعبير الاصطلاحي يعد في العمل المعجمي الحديث وحدة معجمية، يعطى في المعجمات العامة مداخل فرعية، كما تفرد له معظم اللغات الحية معاجم مستقلة يخصص له فيها المداخل الرئيسية.
واللغة العربية التراثية والمعاصرة تزخر بالتعابير الاصطلاحية. وكان اهتمام المعجميين العرب بها بوصفها عبارات أو تراكيب تقع فيها الكلمة -المفردة- وظلت هذه النظرة التي ترى مركزية الوحدة المعجمية المفردة متحكمة في طريقة عرض التعابير الاصطلاحية في المعجم العام جمعا لمادتها، وإدراجها في بناء المعجم، وفي العصر الحديث - نتيجة للاحتكاك بالفكر اللغوي الغربي والصناعة المعجمية الغربية - برز اهتمام بالتعبير الاصطلاحي: تحديدا للمفهوم والمصطلح، ثم بدأ الاهتمام بالتأليف فيه.
ويعتبر هذا العمل إضافة للمعاجم العربية، في مجال التعابير الاصطلاحية، الذي قل فيه التأليف للمعاجم العربية وفق التقنيات الحديثة للعمل المعجمي، فضلا عن المعاجم التي ترصد مادتها من خلال مدونة حية، أو التي تورد وحداتها المعجمية في سياقاتها الطبيعية وتبتعد عن الأمثلة المصنوعة وسيساعد متعلمي اللغة العربية الناطقين بلغات أخرى على زيادة الحصيلة اللغوية وفهم واستخدام هذه التعابير استخداماً صحيحاً.